إنني أجد الكتابة عن العلم مهمّةٌ يشوب ثناياها الارتباك والقلق، ويحيط بها شيءٌ من الغموض والقدسيّة. وعلى الرغم من أن بعضنا يظن بعدمية الحياة وفوضوية المسارات التي تتخدها، إلا أننا نستطيع أن نتلمس في قوانين كوننا الأساسية تناسقًا قادرًا على إبكاء العلماء. فقبل مائة عامٍ تقريبًا، كشفت معادلة، توحي بأنّها بسيطة، عن وحدة خفيّة مدفونة عميقًا في نسيج الكون وثناياه، حيث أنها تحدثت عن علاقة مدهشة بين الطاقة والمادة والضوء. إنها تعد أشهر معادلة في تاريخ العلم: E=m*c2. مكتشف هذه المعادلة هو الشاب ألبرت أينشتاين، والذي كان محبًّا للفيزياء والرياضيات والفلسفة وعزف الكمان، ويجد أن أي شيء غير ذلك يشوبه الملل. ومع أن معظمنا سمع عنها وعن أفكار أينشتاين وما توصل إليه، إلا أن قليلين منّا هم من يعرفون معناها. في الحقيقة، هذه المعادلة بالغة الأهمية لدرجة أنها أصابت أينشتاين بالكثير من التوتر والأرق، حيث أنه لم يكن واثقًا بشكل كامل من صحتها!
همفري وفاراداي
هنا استدعى السيد همفري معاونه فاراداي إلى معمله لكي يرى التجربة، ربما كان في وسعه فهم الأمر، فقد كان فاراداي بمثابة الشرارة المضيئة لهم. وكان السؤال الذي يحاول الجميع الحصول على إجابته هو: إذا كانت القوة الكهربائية تجري داخل أنبوب، فلماذا إذًا لا تتحرك إبرة البوصلة في نفس اتجاه حركة التيار الكهرباء وبالتوازي مع السلك؟! كيف يمكن للتيار الكهربائي الذي يسير في اتجاه معين أن يجعل البوصلة تنحرف في اتجاه عمودي عليه؟ هنا ظهر بريق الشرارة المضيئة، ففي الوقت الذي كان فيه الجميع يتعلمون أن القوى تنتقل على هيئة خطوط مستقيمة بما فيها القوى الكهربائية، فإن فاراداي كان يرى غير ذلك. فقد كان يتصور أن خطوط القوى غير المرئية والتي تتدفق في شكل دائري حول سلك يمر به تيار كهربائي، تدفع إبرة المغناطيس في اتجاه عمودي بالنسبة لاتجاه حركة التيار الكهربائي الذي يمر داخل السلك.