بالدليل تكون القمر إثر“اصطدام كارثي” في المراحل الأولى لتكوين الأرض

في حياة البشر…تكون لحظات الميلاد دوما هى الأكثر إيلاماً وإثارةً للمشاعر، وفي حياة الكون كانت لحظة الميلاد هى الأكثر عنفاً! أما حدث ميلاد القمر فأقل ما يقال عنه أنه كان “ميلاداً كارثياً”! وذلك بعد أن أكدت الأبحاث الأخيرة أن القمر قد تكوّن إثر اصطدام عنيف حدث لكوكب الأرض في مراحل تكوينه الأولى.
يُطلق العلماء على تلك الفرضية اسم “الاصطدام العملاق” وفيها يذهب العلماء إلى افتراض أن كوكب الأرض قد تعرض إلى اصطدام كارثي بجسم في حجم كوكب المريخ. فمنذ 4,5 مليار كانت الأرض كجمرة ملتهبة طرية كالصلصال، وتُقذفها النيازك بشكل متكرر، لا تكاد تبرد إلا ليقذفها نيزك آخر يأجج لهيبها من جديد…ولكن تلك المرة لم يكن الاصطدام عادياً بل كان كارثياً!
moon1 (1)
في ذلك الوقت كان للأرض جارا أسماه العلماء “ثيا”، وفي مصادفة غير سارة ولأسباب مجهولة كان كوكب ثيا في طريقه إلى الاصطدام المباشر بكوكب الأرض، وكانت نتيجة هذا الاصطدام أن ألقي بجزء كبير من حطام الأرض وثيا في الفضاء، مكونا حول الأرض حلقة تشبه حلقات كوكب زحل، وبمرور الوقت تجمع الحطام وذرات التراب معا مكونا قمر الأرض الذي نعرفه اليوم. لاقت تلك الفرضية قبولا واسعا لدى العلماء، غير انه لم يكن هناك دليل مباشر يُثبت صحتها!
شاهد مقطع قصير من فيلم وثائقي يشرح كيفية تكون القمر:

جاء الدليل على تأكيد تلك الفرضية من التحليل الذي أجراه العلماء مؤخرا على عينات من التربة القمرية التي جاءت بها بعثة “أبولو” من رحلتها إلى القمر عام 1969! بناءا على فرضية الاصطدام العملاق..ينبغي ان يكون تكوين القمر في جزء منه يعود إلى ثيا، إلا أن اختبارات التربة القمرية من قبل لم تكن بالإمعان الكافي لاكتشاف أي فارق بين صخور القمر وصخور الأرض. لكن اليوم باستخدام أحدث الميكروسكوبات الإلكترونية…استطاع الباحثون اكتشاف أثر كيميائي ربما يعود إلى الكوكب المزعوم “ثيا”.
لقد وجد الباحثون في الصخور القمرية نوعا مختلفا من ذرات الأكسجين وهى النظير المشع أكسجين-17 الذي لا يوجد في العادة على كوكب الأرض، ومن ثم تم اعتباره بصمة “ثيا” على القمر. بلغت نسبة أكسجين-17 قيمة ضئيلة للغاية مما أدهش العلماء، إذا كان من المعتقد أن القمر لابد وأن يكون في 30% من تكوينه يعود إلى ثيا. وكانت أحد التفسيرات ترجح أنه ربما كان تكوين كوكب ثيا يشبه تكوين كوكب الأرض إلى حد كبير نظرا إلى تكونهما بالقرب من بعضهما البعض، ومن ثم فإنه ليس من المستغرب ألا نلاحظ فارقا كبيرا بين تكوين صخور الأرض والقمر وثيا.على الرغم من أن وجود القمر اليوم هو دليل على حدوث “كارثة” في الماضي، إلا أنه لولا الكارثة التي أتي منها القمر لكانت الأرض مكانا مختلفا الآن بل ولكانت غير صالحة لحياة البشر!
المصادر: bbc  nationalgeographic