إدمان فيسبوك ” لماذا نميل إلي البقاء في الواقع الافتراضي ؟ الحل!

 يستيقظ حسنين من النوم في الواحدة بعد الظهر على صوت تنبيهات فيسبوك المميز ، و يقضي حوالي الساعة فقط في مراجعة الإشعارات والرد علي الرسائل، و ينهض من الفراش ليغسل وجهه وينظف أسنانه ثم يتناول الفطور  – وقت الغداء – وأثناء تناوله الطعام يتفقد الصفحة الرئيسية ولا ينظر أو يتكلم مع أي من هؤلاء ” الزومبيز ” الذين يسكنون معه في نفس المنزل ، والذي صادف أن تجمعهم صلة قرابة !
حسنين لا يعرف حتى بأن والدته قد أجرت عملية جراحية الأسبوع الماضي أو بأن أخته ستتخرج بعد يومين، ولم يصله أن والده سيُفصل من العمل قريباً بسبب غيابه المستمر وسينتهي بهم المطاف في أقرب ملجأ للمشرّدين ، حسنين يتصل بأصدقاءه ليجلسوا معاً “على القهوة” لينظر كل واحد إلى هاتفه الذكي ويجري محادثات مع أناس ليسوا موجودين ولا يلقي بالاً بهؤلاء الأشباح الذين يجلسون بجواره، ثم، وعلي حين غرة، ينهض حسنين ليلتقط صورة “سيلفي” مع أصدقاءه ليضعها على الفيسبوك ويكتب “أحلى وقت مع أفضل صحبة” ولا ينسى إضافة عدداً لا بأس به من القلوب والضحكات المزيفة.
حسنين مدمن علي الفيسبوك ،حسنين ولد صالح ، كُن مثل حسنين !
أعتقد أن المشكلة الأكبر في مدمني الفيسبوك أنهم لا يدركون بأنهم يزدادون فشلاً يوماً بعد يوم ، فيما مارك زوكربيرغ يزداد ثراءً حيناً بعد حين.
لكن ما الذي يدفعنا لإدمان الفيس بوك ؟ فلنحاول أن نعرف..

نقول ما يحلو لنا بدون خجل أو خوف

بداخل الغرف ، من وراء الجدران، من خلف الشاشات – يجلس حسنين ليتكلم بكل ما يفيض به قلبه ، خصوصاً هذا الكلام الذي لا يستطيع النطق به في الواقع ، يغازل صديقته فيخبرها بأنه يراها أجمل من كيم كريدشان ، ويجدد حالته علي الفيسبوك ليخبر أصدقاءه بأنه مكتئب هذه الأيام ، وربما يصرّح ببعض معتقداته الدينية أو الاجتماعية التي لا يستطيع التفوّه بها في الواقع. يتيح لنا فيسبوك كل هذا بدون خجل ! ربما هذا يفسّر لماذا معظم الأشخاص يحذفون عائلاتهم من علي فيسبوك.
طالما وطأت عالم التواصل الافتراضي ، تصبح كلمة “أحبك” سهلة النطق، وكلمة “أكرهك” أكثر سهولة ، وتمسي الكلمات البذيئة أكثر انتشاراً وشيوعاً ، ويتفشّي “مدّعي العمق” كما يتفشي العفن في الخبز التالف.
لذا فمواقع التواصل الاجتماعي تربة خصبة لقول ما نخجل قوله أمام الناس.

التعبيرات والصور والـ GIF تسهّل الأمر

حسنين لا يستطيع أن يعبّر عن مشاعره ، عندما يكون برفقة شخص ما ويشعر بالحب تجاهه يخجل من إخباره أو حتى التلميح بما يكنّه ، لكن من خلال فيسبوك، بضغطة زر يمكنك أن ترسل قلب أو اثنان ليفهم الآخر فوراً بأن صديقنا حسنين مغرمٌ به ، يمكنه أن يرسل صورة عليها عبارة رومانسية ، أو أن “يشير” إليه في فيديو أو صورة GIF متحركة ، في الفيسبوك لديك العديد من الخيارات ويمكنك بسرعة شديدة أن تصنع من الصداقة حباً ، أصبح الفيسبوك أشبه بالمدينة الفاضلة !
هذا يفسّر لنا انتشار هذه العلاقات “البلاستيكية” بكثرة، هل فكّرت يوماً أن هذا كله وهم ؟

لا يوجد Likes أو Followers في الواقع

في “الواقع”، لا يوجد Likes أو Followers ، ربما تكون الأولى على هيئة تصفيق أو ضحك بعد إلقاء مزحة لطيفة لكنّها لا تكون صريحة ، غير أن الموقف يزول ويُنسى بمرور الزمن لكن الـ Post لا يزول ! بالإضافة إلى أنه أداة ” ذكية ” لعرض الأفكار ، فإذا شاركت بفكرة في مجموعة من الأشخاص من المرجّح أنهم لن يستمعوا لك ، وإذا استمعوا فلن تعرف بالضبط من الذي أعجبته فكرتك ومن الذي عدّها تافهة ، وأيضاً لن تعرف رأيهم في الأمر.
أما بالنسبة للـ Followers فلا أعرف ، ربما يجب أن تؤسس عصابة أو تقيم حفلاً راقصاً أو ربما عليك تترأّس جمعية ما لكي تعرف كم عدد “أتباعك” ، لكن كل هذه الطرق لن تكون بدقة العالم الإفتراضي.

فيسبوك يختصر المسافات

هذا شيءٌ رائعٌ في العالم الإفتراضي أنا أحبه جداً، أمرٌ رائع أن تتحدث مع فتاة من استراليا أو عجوز من الهند أو سيدة من أمريكا ، أو حتى أن تتعرف على شخص من نفس الدولة لكنه يبعد عنك عشرات الأميال.

الواقع أصعب في التواصل

في “الواقع” يضطر حسنين أن يهتم بأكثر من شيء واحد ليقوم بمحادثة مع شخص ما ، عليه أن يعتني بنبرة صوته ، شكل ملابسه ، رائحته ، طريقة جلوسه أو طريقة سيره ، عليه أن يركز علي ملامح الشخص الذي يتكلم معه ، عليه أن يركّز علي ردود أفعاله بعد كل كلمة يلقيها ، أما على فيسبوك ، فكل ما عليه هو التركيز علي الكلمات فقط ، وربما الرموز التي تعبّر المشاعر، هذا الشئ يدفعنا بقوّة إلي تفضيل الفيسبوك علي الواقع.

كيف تعرف أنك مدمن للفيسبوك ؟

كيف تعرف أنك مدمن فيسبوك
هناك اختبار “غير موثوق” لمعرفة إلي أي درجة أنت مدمن علي الفيسبوك ، الاختبار عبارة عن ستة أسئلة ، وكل إجابة بـ”نعم” علي هذه الأسئلة تقرّب الشخص أكثر إلى درجة الإدمان. الإسئلة هي:
  • هل تقضي الكثير من الوقت في التفكير بـ “فيسبوك” أو تخطّط سلفاً لاستخدامه؟
  • هل تشعر بحاجة ملحّة للدخول إليه مرة بعد مرة؟
  • هل تستخدمه كي تنسى همومك ومشاكلك الحياتية؟
  • هل حاولت الاستغناء عنه لكنك فشلت؟
  • هل ينتابك التململ والاستياء والأرق إذا ما حُرمت من ارتياد “فيسبوك”؟
  • هل تستخدمه بكثرة لدرجة تضرّ بعملك أو دراستك؟
إذا أجبت بـ”نعم” علي أربعة أو أكثر من هذه الأسئلة، فأنت شخص “مدمن علي الفيسبوك”
حاول أن تخرج من هذا العالم البائس ، الواقع أفضل بكثير ، قضاء وقت “حقيقي” مع أصدقاءك أفضل بكثير من إمضاء الساعات في التحدث مع أشخاص لا تراهم ولا يشعرون بك ! بالإضافة إلى أن قصص الحب أجمل بكثير في الواقع .. استمتع ! 

تعليقات