بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير لا يصدقه عاقل، وسيطرتها على عقول الناس وجعلتهم يلهثون وراء اللايك والكومنت، صاحب انتشار تلك المواقع الكثير من الظواهر البشعة والتي زادت من تدهور عالمنا العربي بشكل لا نستطيع غض الطرف عنه وزادت من ظاهرة التواكل والتكاسل المنتشرة في عالمنا.
من المؤكد أنه تبادر إلى ذهنك الآن بعضًا من تلك الظواهر والممارسات الخاطئة، أكاد اجزم انك الآن تفكر في تلك الصورة التي منعك الشيطان من ضغط لايك عليها أو عمل نشر لها، أو تلك الصورة الإباحية التي ستكتمل بمجرد الضغط على حرف S أو كتابة كلمة معينة، هذه المنشورات التي تجدها تحتوي على آلاف الآلاف من التعليقات و الإعجابات التي تدل على لاوعي أصحابها بما يفعلون وجهلهم بما يستخدمون، حقيقةً لا استهدف اليوم هذه الفئة من المستخدمين ولكن وجب ذكرهم.
في السنوات الأخيرة التي عشناها وانتشرت فيها الثورات التي يسمونها بثورات الربيع العربي والتي صاحبها الكثير من المآسي والمذابح البشرية، انتشرت ظاهرة “تغيير الصورة الشخصية” لتلائم الحدث الجاري، فإن قتل شخص يضعونه كصورة شخصية، وإن تفجرت مدينة أو مسجد أو تجمع من الناس أوجدوا صورة لتلائم هذا الحدث ويضعونها أيضًا كصورة شخصية، هذه كارثة أجدها في وجهة أنظري أشد وأصعب من أصحاب التعليقات والإعجابات التي تحدثت عنهم منذ قليل، في الحقيقة هم لا يختلفون عن بعضهم كثيرًا، كلاهما اتبع غريزته التي أوهمته أنه صحيح مع اختلاف تلك الغريزة بالطبع.
ما بال هؤلاء؟!
الجميع يدري ويعرف ما يحدث الآن في حلب من قتل وتشريد وترميل للنساء وتيتيم الأطفال وهدم البيوت، وما حدث في حلب يحدث مثله في العراق، في ليبيا، في لبنان، في معظم الدول العربية.. ومازال يحدث وسيستمر في الحدوث، لن ينتهي اليوم ولا غدًا ولا بعد الغد، لن ينتهي مادمنا نُصر على إظهار تعاطفنا ومساندتنا لهؤلاء باستخدام الطريقة الفيسبوكية المريضة المنتشرة الآن وهي وضعهم كصورة شخصية لحساباتنا، ماذا ستستفيد وماذا سيستفيدون من هذا؟
البعض يقولون تبريرًا لهذا الفعل: “نحن هكذا ننصرهم ونتضامن معهم وننشر القضية لتصل إلى الناس”، قُل لي، هل هذه الصورة ستفيد ذلك الطفل الجائع وحيد أبويه الذين ماتوا أثناء القصف؟ أم ستفيد المرأة التي قُتل زوجها وأولادها أثناء الدفاع عنها وظلت بلا حول ولا قوة؟ أم ستفيد ذاك الرجل العجوز الذي وافته المنية من شدة البرد؟
بالطبع تكون إجابات هذه الأسئلة هي لا، إذًا فلا طائل منها، تضعونهم كصورة شخصية ليوم أو اثنان أو حتى شهر ثم ماذا؟ لا شيء تنسونهم أو تتناسوهم ومن ثم تأتي فاجعة أخرى لتحل محل صوركم الشخصية الجديدة، لهذا لا طائل من وضعك الصورة الحمراء تضامنًا مع أهل حلب، صدقني إذا كان هذا هو آخرك وهذا الذي سيريح ضميرك لا تفعله، مادام ضميرك يوجعك ستتذكرهم في صلواتك وفي دعواتك، لا تخدره بفعل لا يثمن ولا يغني من جوع.
هل من حل؟!
سألني أحد الأصدقاء، “إذا لم يكن هذا الحل فما الحل إذًا”.. بالطبع لن نستطيع الذهاب لتحرريهم، على الأقل ليس الآن ولكني أتمنى من كل قلبي أن يأتي اليوم الذي ينتشر فيه الأمن والأمان في عالمنا العربي بأسرع وقت. إذا نظرنا للموضوع بحيادية وبحثنا عن أفضل حل يمكننا به مساعدة إخواننا سيكون ببذل المال والدعاء، صراحةً هذان الحلان هما الوحيدان اللذان يمكن فعلهم في يومنا هذا.
أتريد مساعدة حلب؟ وتساهم في إخماد نارها؟ تبرع لأهلها إذا لم يكن بالمال فبالدعاء، فهذا ما بأيدينا وما نقدر عليه، سأذكر بعض المنظمات التي تساعد أهل سوريا والدول الأخرى التي تعاني الأمرين بسبب أفعال حكامها.
- British Red Cross
- Cafod
- Care
- Hand in Hand for Syria
- International Medical Corps
- International Rescue Committee
لمعرفة المزيد عن هذه المنظمات إليك هذا المقال من صحيفة The Guardian الانجليزية.
تعليقات
إرسال تعليق