ماذا لو: حاولت صد كرة بيسبول تتحرك بسرعة تقارب سرعة الضوء؟!!

حسناً أعلم أنك ستقول من المستحيل أن تصل الكرة لتلك السرعة، لكن دعنا نعبر هذه النقطة ونفترض أن قوة سحرية هي التي تدفعتها لتتحرك بسرعة تبلغ تسعة أعشار سرعة الضوء بعد تركها يد الللاعب. ما الذي سيحدث إن حاولت صدها؟!.. من هذه اللحظة فصاعداً كل ما سيحكم المشهد هو علم الفيزياء وأعدك أن المشهد سيكون مثيراً:
01
سيتبين لنا أن الإجابة هي أن أشياء كثيرة ستحدث، وستحدث بسرعة كبيرة جدا، وأن الأمر لن ينتهي بخير بالنسبة لمن سيضرب الكرة بالمضرب. وقد قمت بالبحث في بعض كتب الفيزياء، وبعض تسجيلات الفيديو لتفجيرات نووية اختبارية، وبجواري تمثال صغير للاعب البيسبول الشهير نولان ريان. وما سأقوله الآن هو توقعي لما سيحدث في كل نانو ثانية تلو الأخرى:
حركة الكرة ستكون سريعة جدا لدرجة أن كل شيء سيكون شبه ساكن مقارنة بها، حتى جزيئات الهواء ستكون ساكنة نسبة للكرة. فجزيئات الهواء تتحرك، أو تتذبذت، بسرعة عدة مئات من الكيلومترات في الساعة، بينما ستتحرك الكرة بسرعة 965 مليون كيلومتر في الساعة. وهذا يعني أن الجزئيات ستكون شبه متجمدة نسبيا مقارنة بحركة الكرة.
وقواعد الديناميكا الهوائية لن تسري هنا، ففي السرعات الطبيعية تتحرك جزيئات الهواء حول أي جسم يتحرك خلالها. لكن في حالة الكرة، لن تجد جزيئات الهواء المتسع الكافي من الوقت للحركة. لكن، بديلا عن ذلك، سترطتم جزئيات الهواء بقوة شديدة بجزئيات سطح الكرة، قوة كافية لالتحام الجزيئات ببعضها في تفاعلات اندماجية. وكل اندماج سيطلق حزمة من أشعة جاما، والأشعة السينية، وبضعة جسيمات أولية مشتتة.
02
03
ستنطلق أشعة جاما وأشعة سينية والجسيمات الناتجة عن ارتطام الجزئيات في جميع الاتجاهات على هيئة فقاعة، مركزها هو اللاعب الذي أطلق الكرة. وستبدأ في تأيين جزئيات الهواء بفصل الإلكترونات السالبة عن النواة الموجبة، محولةً هواء الملعب لفقاعة من البلازما الساطعة. وستتحرك تلك الفقاعة بسرعة الضوء، حيث ستصل لمتلقي الكرة متقدمة قليلا عن الكرة نفسها.
04
وتفاعلات الاندماج المستمرة الحادثة أمام الكرة ستدفعها للخلف، مبطئةً من سرعتها قليلا، كما لو أن الكرة تتحرك كصاروخ موجها ذيله للأمام. لكن لسوء الحظ، فسرعة الكرة الابتدائية أكبر بكثير من أن تكون تلك الاندماجات النووية الصغيرة قادرة على إيقافها، أو حتى إبطائها بشكل ملحوظ. لكن ما سيحدث هو أن تبدأ تلك التفاعلات في تدمير سطح الكرة، مطلقة أجزاء صغيرة جدا من الكرة، عشوائيا في جميع الاتجاهات. وتلك الأجزاء الصغيرة ستكون سريعة جدا وقادرة على بدء تفاعلات دمج أخرى بين جزئيات الهواء.
ستصل الكرة للاعب الممسك بالمضرب بعد حوالي 70 نانوثانية، ولن يكون اللاعب حتى قد رأي ضارب الكرة قد أطلقها، لأن الضوء الحامل لتلك المعلومة سيكون قد وصل للتو، وقت وصول الكرة. وستكون الاندماجات النووية مع جزئيات الهواء قد دمرت الكرة شبه كليا، والتي ستتحول لكرة منطلقة من البلازما، أو الغازات المتأينة. وستسبب تلك الكرة من البلازما مزيدا من التفاعلات الاندماجية طالما هي مستمرة في الحركة. وسيصل الغلاف الإشعاعي أولاً لللاعب الممسك بالمضرب ويصطدم به، ويليه ببضع نانو أجزاء من الثانية، كرة البلازما، لتصطدم به أيضا، وهو الاصطدام الذي ستكون عواقبه وخيمة.
وعندما تصل كرة البلازما لحامل المضرب، سيكون قلبها مازال يتحرك بتسعة أعشار سرعة الضوء. وفي البداية ستصطدم بالمضرب، ثم باللاعب، ثم بمتلقي الكرة. وسيتطايرون جميعهم للخلف محمولين بقوة دفع الموجة، وذلك أثناء تفتتهم وتلاشيهم. كما أن فقاعة الإشعاع والبلازما ستتوسع بشكل مستمر، مبتلعةً الفريقين، والجهاز الفني، والملعب، والمشاهدين، والجيران، وذلك في أول ميكرو جزء من الثانية.
فلنفترض وقتها أنك تشاهد المباراة من على مرتفع خارج المدينة، فما الذي ستراه؟ في البداية سيعمي الضوء الشديد عينيك، ضوء أقوى بكثير من ضوء الشمس. وبعدها، وخلال ثوانٍ، ستقل شدته تدريجيا، وسترى كرة نارية عملاقة تنمو بسرعة لتُكوّن بعدها سحابة متخذة شكل فطر عش الغراب الشهير، والمميز للانفجارات النووية. ثم ستتحرك الموجة الانفجارية بعنف شديد وضجيج مُفزع، مدمرةً البيوت ومقتلعةً الأشجار من جذورها. وكل شيء في حدود كيلو متر أو أكثر قليلا من الملعب سيُدمر تماما، كما ستلتهم كرة النار المدينة. ستتحول كرة البيسبول الصغيرة لما يشبه فوهة البركان العملاقة التي ستدمر كل شيء.
05
وفي هذه الحالة كما تنص قوانين لعبة البيسبول، اللاعب الذي يحمل المضرب سيُعتبر أنه لم يضرب الكرة، ويجب أن يبدأ في التحرك بسرعة لأول قاعدة في الملعب.
المصدر: xkcd

تعليقات