حلم يتحقق..

كما يغلق الرمش على العين  ، أغلق الباب ، لن تراه حتى الغد ، أقل من أربع وعشرين ساعة تبدو في عداد الحب أربعة وعشرين دقة شوق ، أربعة وعشرين شهيقاً متتالياً بلا زفير ،  أربعاً وعشرين يوماً بل سنة ً بل قرناً بل أكثر ..
 وقفت على نافذة الوداع تسرق آخر ملامحه لتحفظها في عميقاً خلف حدقة عينيها، خلف الشبكية أو القرنية ، في صندوق الذاكرة الأبدية  ، التقطت بعدسة قلبها صوراً له قريبة جداً أحياناً و أخرى بعيدة،  لقطة متوسطة ولقطة طويلة ، كلها ضبطت الفوكس عليه بشكل احترافي ، إذن هكذا هو عندما ينزل السلالم الأخيرة ، هكذا يركب السيارة وهكذا تحرك يده مفتاح السيارة ، هكذا تنظر عينية في المرآة وهكذا تدوس قدمه على البنزين وهكذا يغيب في الأفق ..
 كل تفاصيل حركاته آسرة ، كله يأخذ عقلها ويغيب به ويتركها مجنونة به هو فقط ..
make-your-dreams-come-true
في انتظار الغد ، يومهما الموعود .. حلمهما الذي يوشك على التحقق ، غداً هو سيصطحبها .. لتختار شكل الحلقة التي ستربطهما معاً ، حلقة وصل أبدي علني ستغلق إصبعها به إلى الأبد ومعه قلبها وستهديه هي المفتاح ..
سيكون يوماً تاريخياً .. مهلاً .. اليوم أيضاً تاريخي ، كل الأيام هذه تاريخية ، عليها أن تسجل التواريخ بحرص حتى تحتفل معه فيها عمرهما القادم معاً ..
كالحلم الذي لا تستيقظ منه ، تسير وسط انشغالهم مشغولة به تبتسم له وكأنها تراه من حيث لا يراها أو هو يراها من حيث لا تراه ، هي لا تستطيع تفسير ابتسامتها الخجولة التي لا سبيل لإخفائها ، تحمر وجنتيها عندما تذكر أفعالها الخرقاء في وجوده ويكأنها تكون أنثى أخرى ، بملامح تكتشفها في وجهها لأول مرة بصوتها الذي لم تعد تميزه ، بكل شيء تتعرف عليه في الحب لأول مرة .. تدرك أن من ألفوا الروايات العاطفية صدفة نسوا أن يحكوا عما يسكنها الآن من فوضى ..
وبين تعليقات من حولها المحرجة ، تكاد لا تسمع ولا ترى ،  لم يعد أحد يهمها سواه ..
تتذكر فجأة أنها في أقصى سعادتها نسيت كم دعت ودعت من أجل هذه اللحظة ، كم رجت الله أن يجمع بينهما في الحلال ، كم سقطت من مقلتيها الدموع عندما كانت الأقدار والأقطار تباعدهما ، وكيف أنها حمّلت على سجودها كل أمنياتها بعيدة التحقيق ولفتها بثقة لا تزعزعها الظنون وأرسلتها بكل صدق إلى الله .. وهاهو الله وقد استجاب،  تنساه بسجدة الشكر الصغيرة ، هرولت إلى سجادتها وهوت عليها ساجدة دامعة شاكرة لكرم الرب الذي لم ينساها .. ياااااه كم من اللذة حملتها دموعها الممتنة دموع بطعم الفرح النادر في هذه الحياة ..